كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(وَإِطَالَةُ غُرَّتِهِ) بِأَنْ يَغْسِلَ مَعَ الْوَجْهِ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ وَصَفْحَتَيْ عُنُقِهِ (وَ) إطَالَةُ (تَحْجِيلِهِ) بِأَنْ يَغْسِلَ مَعَ الْيَدَيْنِ بَعْضَ الْعَضُدَيْنِ وَمَعَ الرِّجْلَيْنِ بَعْضَ السَّاقَيْنِ، وَإِنْ سَقَطَ فِي الْكُلِّ غَسْلُ الْفَرْضِ لِعُذْرٍ وَغَايَتُهُ اسْتِيعَابُ الْعَضُدِ وَالسَّاقِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» زَادَ مُسْلِمٌ: «وَتَحْجِيلَهُ» أَيْ يُدْعَوْنَ بِيضَ الْوُجُوهِ وَالْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ فَالْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ اسْمَانِ لِلْوَاجِبِ وَإِطَالَتِهِمَا يَحْصُلُ أَقَلُّهَا بِأَدْنَى زِيَادَةٍ وَكَمَالُهَا بِاسْتِيعَابِ مَا مَرَّ وَمَنْ فَسَّرَهُمَا بِغَسْلِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ فَقَدْ أَبْعَدَ وَخَالَفَ مَدْلُولَهُمَا لُغَةً لِغَيْرِ مُوجِبٍ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ وَإِطَالَةُ غُرَّتِهِ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ مَا يُفِيدُ حُسْبَانَ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ قَبْلَ الْفَرْضِ.
(قَوْلُهُ: وَخَالَفَ مَدْلُولُهُمَا لُغَةً إلَخْ) يُتَأَمَّلُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِطَالَةُ غُرَّتِهِ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ مَا يُفِيدُ حُسْبَانَ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ قَبْلَ الْفَرْضِ سم وع ش.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَغْسِلَ) إلَى قَوْلِهِ فَالْغُرَّةُ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْكُلِّ) أَيْ كُلٌّ مِنْ إطَالَةِ الْغُرَّةِ وَإِطَالَةِ التَّحْجِيلِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ سُنَّ الْإِطَالَةُ.
(قَوْلُهُ: إنَّ أُمَّتِي إلَخْ) أَيْ أُمَّةَ الْإِجَابَةِ وَالْمُرَادُ الْمُتَوَضِّئُونَ مِنْهُمْ بُجَيْرِمِيٌّ عِبَارَةُ ع ش قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَلَا يَحْصُلُ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ إلَّا لِمَنْ تَوَضَّأَ بِالْفِعْلِ أَمَّا مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ فَلَا يَحْصُلَانِ لَهُ. اهـ، وَيَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِمَنْ تَوَضَّأَ حَالَ حَيَاتِهِ فَلَا يَدْخُلُ مَنْ وَضَّأَهُ الْغَاسِلُ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ تَعْبِيرُهُ بِتَوَضَّأَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ طِفْلًا وَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ وُضُوءٌ كَذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَعْذُورًا وَبَقِيَ مَا لَوْ تَيَمَّمَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ هَلْ يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي الْأَوَّلُ لِإِقَامَةِ الشَّارِعِ لَهُ مَقَامَ الْوُضُوءِ وَلِذَا تُسَنُّ إطَالَتُهُمَا فِيهِ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِلْوَاجِبِ) زَادَ النِّهَايَةُ وَالْمَنْدُوبُ.
(قَوْلُهُ: بِاسْتِيعَابِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ إلَخْ فِي الْغُرَّةِ وَالْعَضُدِ وَالسَّاقِ فِي التَّحْجِيلِ.
(قَوْلُهُ: وَخَالَفَ مَدْلُولُهُمَا لُغَةً إلَخْ) يُتَأَمَّلُ سم.
(وَالْمُوَالَاةُ) بَيْنَ أَفْعَالِ وُضُوءِ السَّلِيمِ بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ زَمَنٌ يَجِفُّ فِيهِ الْمَغْسُولُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيمَا بَعْدَهُ مَعَ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ وَالْمَحَلِّ وَالزَّمَنِ وَالْبَدَنِ وَيُقَدِّرُ الْمَمْسُوحُ مَغْسُولًا لِلِاتِّبَاعِ وَمَرَّ وُجُوبُهَا فِي طُهْرِ السَّلِسِ وَإِذَا ثَلَّثَ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرَةِ وَمَتَى كَانَ الْبِنَاءُ بَعْدَ زَوَالِ الْوَلَاءِ بِفِعْلِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ اسْتِحْضَارُهُ لِلنِّيَّةِ كَمَا مَرَّ (وَأَوْجَبَهَا الْقَدِيمُ) مُطْلَقًا حَيْثُ لَا عُذْرَ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَفِي ظَهْرِ قَدَمَيْهِ لُمْعَةٌ مِثْلُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ» وَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّ الْخَبَرَ ضَعِيفٌ مُرْسَلٌ وَبِأَنَّهُ صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا التَّفْرِيقُ بَعْدَ الْجَفَافِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرُوا عَلَيْهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرَةِ) يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ أَيْضًا أَنْ لَا تَجِفَّ الْأُولَى قَبْلَ الثَّانِيَةِ وَلَا الثَّانِيَةُ قَبْلَ الثَّالِثَةِ حَتَّى لَوْ جَفَّتْ أُولَى الْوَجْهِ مَثَلًا قَبْلَ ثَانِيَتِهِ أَوْ ثَانِيَتُهُ قَبْلَ ثَالِثَتِهِ لَمْ يَحْصُلْ الْوَلَاءُ بَيْنَ الْوَجْهِ وَالْيَدِ، وَإِنْ لَمْ تَجِفَّ ثَالِثَةُ الْوَجْهِ قَبْلَ أُولَى الْيَدِ فَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَى اعْتِبَارِ الْأَخِيرَةِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ بِفِعْلِهِ) أَيْ وَمِنْهُ مَشْيُهُ فِي مَاءٍ لِغَسْلِ رِجْلَيْهِ وَانْظُرْ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْفِعْلِ وَقَوْلُهُ لَمْ يُشْتَرَطْ اسْتِحْضَارُهُ النِّيَّةَ أَيْ بَلْ الشَّرْطُ فَقْدُ الصَّارِفِ أَيْ وَمِنْ الصَّارِفِ قَصْدُ الْمَشْيِ فِي الْمَاءِ لِغَرَضٍ آخَرَ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْعُبَابِ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ فِيمَنْ دَخَلَ الْمَاءَ لَا بِقَصْدِ غَسْلِ رِجْلَيْهِ فَانْغَسَلَتَا أَنَّهُ لَابُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِلنِّيَّةِ لَكِنْ الشَّارِحِ رَدَّهُ.
(قَوْلُهُ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ) لَا يُقَالُ إنَّ الْمُتَبَادِرَ عَدَمُ غَسْلِهَا مُطْلَقًا فَيُشْكِلُ الِاسْتِدْلَال؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ التَّفْرِيقِ بَلْ مِنْ تَرْكِ غَسْلِ بَعْضِ الْعُضْوِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ وَلَوْلَا أَنَّ التَّفْرِيقَ يَضُرُّهُ لَأَمَرَهُ بِمُجَرَّدِ غَسْلِ اللَّمْعَةِ.
(قَوْلُهُ: بَيْنَ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ) إلَى قَوْلِهِ، وَإِذَا ثَلَّثَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَالْمَحَلُّ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَاضِلَةٌ إلَى، وَهِيَ وَقَوْلُهُ لِخَبَرِ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: بَيْنَ أَفْعَالِ وُضُوءِ السَّلِيمِ إلَخْ) وَكَذَا بَيْنَ الْغَسَلَاتِ وَكَذَا فِي أَجْزَاءِ كُلِّ عُضْوٍ قَلْيُوبِيٌّ عِبَارَةُ شَيْخِنَا عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَشْمَلُ الْمُوَالَاةَ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ وَالْمُوَالَاةَ بَيْنِ الْغَسَلَاتِ وَالْمُوَالَاةَ بَيْنَ أَجْزَاءِ الْعُضْوِ الْوَاحِدِ فَيُعْتَبَرُ الشُّرُوعُ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ جَفَافِ الْأُولَى وَفِي الثَّالِثَةِ قَبْلَ جَفَافِ الثَّانِيَةِ وَيُعْتَبَرُ غَسْلُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْعُضْوِ قَبْلَ جَفَافِ الْجُزْءِ الَّذِي قَبْلَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مَعَ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ اشْتِرَاطُ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ يُغْنِي عَنْ اشْتِرَاطِ اعْتِدَالِ الْمَحَلِّ وَالزَّمَنِ أَمَّا الْمَحَلُّ فَلِاسْتِلْزَامِ خُرُوجِهِ عَنْ الِاعْتِدَالِ خُرُوجَ الْهَوَاءِ عَنْهُ لِتَأَثُّرِهِ بِهِ وَأَمَّا الزَّمَنُ فَوَصْفُهُ بِالِاعْتِدَالِ وَعَدَمِهِ تَجَوُّزٌ بِاعْتِبَارِ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ الْمَوْجُودِ فِيهِ وَعَدَمِهِ ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ الْمَحَلِّيَّ اقْتَصَرَ عَلَى الْهَوَاءِ وَالْمِزَاجِ وَكَذَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِمَا بَصْرِيٌّ وَفِي تَقْرِيبِ دَلِيلِهِ نَظَرٌ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْعِبْرَةَ بِاعْتِدَالِ الْهَوَاءِ الرَّاهِنِ وَالْمِزَاجِ الرَّاهِنِ وَلَوْ كَانَ الْقُطْرُ وَالْفَصْلُ غَيْرَ مُعْتَدِلٍ.
(قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ فَرْضُهُ سِتَّةٌ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وُجُوبُهَا فِي طُهْرِ السَّلِسِ) وَتَجِبُ أَيْضًا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرَةِ)، وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ أَيْضًا أَنْ لَا تَجِفَّ الْأُولَى قَبْلَ الثَّانِيَةِ وَلَا الثَّانِيَةُ قَبْلَ الثَّالِثَةِ سم وَتَقَدَّمَ مِثْلُهُ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ وَشَيْخِنَا.
وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مَا نَصُّهُ لَوْ غَسَلَ وَجْهَهُ مَرَّةً وَأَمْسَكَ حَتَّى جَفَّ فَغَسَلَ يَدَهُ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ ثَلَّثَ وَجْهَهُ لَمْ يَجِفَّ بَعْدُ فَاتَتْ الْمُوَالَاةُ وَلَوْ غَسَلَهُ مَرَّةً وَأَمْسَكَ زَمَنًا ثُمَّ ثَنَّى قَبْلَ جَفَافِهِ وَأَمْسَكَ زَمَنًا ثُمَّ ثَلَّثَ قَبْلَ جَفَافِهِ وَأَمْسَكَ زَمَنًا ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ قَبْلَ جَفَافِ ثَالِثَةِ وَجْهِهِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يُثَلِّثْ جَفَّتْ الْأُولَى فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ حَصَلَتْ الْمُوَالَاةُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ فِيهِمَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِفِعْلِهِ) وَمِنْهُ مَشْيُهُ فِي مَاءٍ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ وَانْظُرْ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْفِعْلِ و(قَوْلُهُ: لَمْ يُشْتَرَطْ اسْتِحْضَارُهُ إلَخْ) أَيْ بَلْ الشَّرْطُ فَقْدُ الصَّارِفِ أَيْ وَمِنْ الصَّارِفِ قَصْدُ الْمَشْيِ فِي الْمَاءِ لِغَرَضٍ آخَرَ سم.
وَتَقَدَّمَ فِي مَبْحَثِ النِّيَّةِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْإِكْرَاهَ صَارِفٌ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي وُضُوءِ السَّلِيمِ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ) إلَى قَوْلِهِ لِخَبَرٍ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَقَبُولُهَا إلَيَّ، وَهِيَ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا عُذْرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي التَّفْرِيقِ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَفِي طُولِ التَّفْرِيقِ أَمَّا بِالْعُذْرِ فَلَا يَضُرُّ قَطْعًا وَقِيلَ يَضُرُّ عَلَى الْقَدِيمِ.
وَأَمَّا الْيَسِيرُ فَلَا يَضُرُّ إجْمَاعًا. اهـ. وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَقِيلَ يَضُرُّ عَلَى الْقَدِيمِ.
(قَوْلُهُ: فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ إلَخْ) وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ لَوْلَا أَنَّ التَّفْرِيقَ يَضُرُّهُ لَأَمَرَهُ بِمُجَرَّدِ غَسْلِ اللَّمْعَةِ لَا بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ سم.
(قَوْلُهُ وَبِأَنَّهُ صَحَّ إلَخْ) وَبِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَوَضَّأَ فِي السُّوقِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ رَأْسَهُ فَدُعِيَ إلَى جِنَازَةٍ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى عَلَيْهَا» قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَبَيْنَهُمَا تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(وَتَرْكُ الِاسْتِعَانَةِ) بِالصَّبِّ عَلَيْهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ لَا يَلِيقُ بِمُتَعَبِّدٍ فَهِيَ خِلَافُ السُّنَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا وَالسِّينُ إمَّا لِلْغَالِبِ أَوْ التَّأْكِيدِ أَمَّا هِيَ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ فَمَكْرُوهَةٌ، وَيَجِبُ طَلَبُهَا وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلِ فَاضِلَةٍ عَمَّا يَأْتِي فِي الْفِطْرَةِ وَقَبُولُهَا عَلَى مَنْ تَعَيَّنَتْ طَرِيقًا لِطُهْرِهِ، فَإِنْ فَقَدَهَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَأَعَادَ، وَهِيَ فِي إحْضَارِ نَحْوِ الْمَاءِ مُبَاحَةٌ.
الشَّرْحُ:
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَرَكَ الِاسْتِعَانَةَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُعِينُ كَافِرًا شَرْحُ بَافَضْلٍ وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ بِالصَّبِّ عَلَيْهِ إلَخْ)، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِعْمَالِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى الِاسْتِعْمَالُ مِنْهَا عَلَى غَيْرِهِ فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا مُجَرَّدَ التَّرَفُّهِ بَلْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْوُضُوءِ مِنْهَا الْخُرُوجُ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ الْوُضُوءَ مِنْ الْفَسَاقِيِ الصَّغِيرَةِ وَنَظَافَةِ مَائِهَا فِي الْغَالِبِ عَنْ مَاءِ غَيْرِهَا ع ش.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ إلَخْ) وَلَيْسَ مِنْ التَّرَفُّهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي الْعِبَادَةِ عُدُولُهُ مِنْ الْمَاءِ الْمَالِحِ إلَى الْعَذْبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِرْمَاوِيٌّ وَحَلَبِيٌّ.
(قَوْلُهُ: خِلَافَ السُّنَّةِ) عَبَّرَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي هُنَا وَفِي الْمَوْضِعَيْنِ الْآتِيَيْنِ بِخِلَافِ الْأُولَى وَقَالَ عَبْدُ الرَّءُوفِ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى مِنْ أَقْسَامِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَخِلَافَ السُّنَّةِ لَا نَهْيَ فِيهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا) أَيْ الْإِعَانَةَ حَتَّى لَوْ أَعَانَهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ سَاكِتٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَالسِّينُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَتَعْبِيرُهُ بِالِاسْتِعَانَةِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ عَلَى أَنَّ السِّينَ تَرِدُ لِغَيْرِ الطَّلَبِ كَاسْتَحْجَرَ الطِّينُ أَيْ صَارَ حَجَرًا فَلَوْ أَعَانَهُ غَيْرُهُ مَعَ قُدْرَتِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مَنْعِهِ كَانَ كَطَلَبِهَا. اهـ.
(وَقَيَّدَ بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْمَنْعِ) الشَّارِحِ أَيْضًا فِي الْإِمْدَادِ وَالْإِيعَابِ وَأَقَرَّهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِلْغَالِبِ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَطْلُبُ الصَّبَّ عَلَيْهِ أَوْ التَّأْكِيدِ أَيْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ} أَيْ تَيَسَّرَ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: طَلَبَهَا) أَيْ الْإِعَانَةَ وَكَذَا ضَمِيرُ تَعَيَّنَتْ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا هِيَ) أَيْ الِاسْتِعَانَةُ لِغَيْرِ عُذْرٍ.
(قَوْلُهُ: عَمَّا يَأْتِي فِي الْفِطْرَةِ) أَيْ مِنْ مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ وَمِنْ دَيْنِهِ وَمَسْكَنٍ وَخَادِمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِمَا.
(قَوْلُهُ وَقَبُولُهَا) أَيْ، وَيَجِبُ قَبُولُ الْإِعَانَةِ عَلَى مَنْ تَعَيَّنَتْ إلَخْ أَيْ كَالْأَقْطَعِ.
(قَوْلُهُ: فِي إحْضَارِ نَحْوِ الْمَاءِ) أَيْ كَالْإِنَاءِ وَالدَّلْوِ إيعَابٌ. اهـ. كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مُبَاحَةٌ) قَدْ أَطْبَقُوا عَلَى هَذَا وَرَأَيْت فِي شَرْحِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ لِلْقَسْطَلَّانِيِّ مَا نَصُّهُ وَأَمَّا إحْضَارُ الْمَاءِ فَلَا كَرَاهَةَ أَصْلًا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَيْ الْعَسْقَلَانِيُّ لَكِنْ الْأَفْضَلُ خِلَافُهُ وَقَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَلَا يُقَالُ أَنَّهَا خِلَافُ الْأَوْلَى انْتَهَى. اهـ. كُرْدِيٌّ.
(وَ) تَرْكُ (النَّفْضِ)؛ لِأَنَّهُ كَالتَّبَرِّي مِنْ الْعِبَادَةِ فَهُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحَيْ مُسْلِمٍ وَالْوَسِيطِ وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ إبَاحَتَهُ وَالرَّافِعِيُّ كَرَاهَتَهُ لِخَبَرٍ فِيهِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ (وَكَذَا) كَأَنَّ حِكْمَتَهَا مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ بِقُوَّتِهِ فِيمَا قَبْلَهُ أَيْضًا تَمَيُّزُ مُقَابِلِهِ بِصِحَّةِ حَدِيثِ الْحَاكِمِ الْآتِي بِهِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (التَّنْشِيفُ)، وَهُوَ أَخْذُ الْمَاءِ بِنَحْوِ خِرْقَةٍ فَلَا إيهَامَ فِي عِبَارَتِهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ يُسَنُّ تَرْكُهُ فِي طُهْرِ الْحَيِّ (فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ أَثَرَ الْعِبَادَةِ فَهُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَدَّ مِنْدِيلًا جِيءَ بِهِ إلَيْهِ لِأَجْلِ ذَلِكَ؛ عَقِبَ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ» مَا لَمْ يَحْتَجْهُ لِنَحْوِ بَرْدٍ أَوْ خَشْيَةِ الْتِصَاقِ نَجِسٍ بِهِ أَوْ لِتَيَمُّمٍ عَقِبَهُ فَلَا يُسَنُّ تَرْكُهُ بَلْ يَتَأَكَّدُ فِعْلُهُ وَاخْتَارَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إبَاحَتَهُ مُطْلَقًا وَخَبَرُ: «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ مِنْدِيلٌ يَمْسَحُ بِهِ وَجْهَهُ مِنْ الْوُضُوءِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «خِرْقَةٌ يَتَنَشَّفُ بِهَا» صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَضَعَّفَهُ التِّرْمِذِيُّ وَعَلَى كُلٍّ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لِحَاجَةٍ وَالْأَوْلَى عَدَمُهُ بِنَحْوِ طَرَفِ ثَوْبِهِ وَفَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ مَرَّةً لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَيَقِفُ هُنَا وَفِي الْغُسْلِ حَامِلُ الْمِنْشَفَةِ عَنْ يَمِينِهِ وَالصَّابُّ عَنْ يَسَارِهِ «وَكَانَتْ أُمُّ عَيَّاشٍ تُوَضِّئُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ قَائِمَةٌ، وَهُوَ قَاعِدٌ».